مشكلة المياه تتفاقم في الخليج
تعاني دول الخليج من مشكلة المياه التي بدأت تتفاقم بسبب محدودية المصادر المائية واستنزاف القطاع الزراعي للمياه الجوفية، وقد توقع خبراء جيولوجيون أن دول الخليج ستجد نفسها مطالبة باستثمارات قد لا تكون قادرة على توفيرها في ظل ظروف مالية غير مواتية، إذ أنها ستحتاج إلى حوالي 35 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة لتوفير مصادر مائية جديدة، وتبعًا لتقرير أعده برنامج الأمم المتحدة حول الموارد المائية لدول الخليج العربي، فإن الطلب على المياه مرشَّح للارتفاع إلى أكثر من 35 مليار متر مكعب سنويًّا بحلول عام 2020م كنتيجة لاستمرار الإفراط في الاستهلاك من جهة، والنمو السكاني من جهة أخرى، ويصل متوسط استهلاك الفرد في منطقة الخليج من المياه حوالي 1035 مترًا مكعبًا سنويًّا يتم توفيرها من ثلاثة مصادر أساسية: الأول من المياه الجوفية غير المتجددة بنسبة 91 % في مقابل 7 % من المياه المحلاة و2 % من المياه المعالجة، وفي المقابل فإن استهلاك المياه في دول الخليج يتركز بصورة أساسية في القطاع الزراعي الذي يستهلك حوالي 85% من إجمالي الطلب في مقابل 13% للقطاع السكاني، بينما لا يزيد الاستهلاك للأغراض الصناعية عن 2 %، وتتضافر جهود الدول العربية للحد من هذه المشكلة.
ففي السعودية على سبيل المثال دعا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز المواطنين السعوديين والمقيمين إلى التجاوب مع جهود الحكومة
السعودية للمحافظة على المياه والاقتصاد في استخدامها خاصة وأن الطلب
عليها متزايد، جاء ذلك خلال جلسة مجلس الوزراء السعودي التي عقدت في جدة يوم الإثنين الموافق 24/4/2000م برئاسة خادم الحرمين الشريفين، حيث كانت قضية المياه ضمن الموضوعات الداخلية التي استعرضها المجلس.
وأوضح الملك فهد أن الحكومة السعودية تقوم بجهود كبيرة من أجل توفير المياه عن طريق حفر الآبار، وإقامة السدود لحجز مياه الأمطار وبناء
محطات تحلية المياه المالحة التي توفر احتياجات مياه الشرب للسعودية
والاستهلاك المنزلي.
يُذْكر أن السعودية تفتقر إلى وجود أنهار طبيعية وتعتمد في الحصول
على احتياجاتها من مياه الشرب من تحلية مياه البحر، وتعتمد على
مياه الأمطار التي تتساقط بصورة غير منتظمة ويتم حجزها داخل سدود
شيدتها الحكومة لهذا الغرض.
ويقدَّر حجم الموارد الحالية بالسعودية بنحو خمسة آلاف مليار متر مكعب منها حوالي 3.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية بخلاف المياه العذبة التي تحصل عليها من تحلية مياه البحر المالحة والبالغة
سنويًّا نحو 730 مليون متر مكعب.
وقد أنشأت السعودية 186 سدًّا مقامة على مجاري الأودية للاستفادة من مياه الأمطار التي تمتلئ بها في حالة هطولها بينها ثاني أكبر سد في
الشرق الأوسط بعد السد العالي بمصر وهو سد وادي بيشة جنوبي السعودية، وتبلغ طاقته التخزينية 325 مليون متر مكعب.
وكانت الحكومة السعودية قد اتخذت استراتيجية جديدة في أوائل عقد
التسعينات من القرن الماضي تستهدف الحفاظ على مواردها المائية القابلة للاستنزاف والمتمثلة في المياه الجوفية، ونظمت حملة قومية لترشيد استهلاك المياه.
واتخذت السعودية في إطار هذه الإستراتيجية قرارًا يقضي بتقليص حجم الإنتاج الزراعي خاصة لمحصول القمح والشعير بهدف تقليل استهلاك المياه، حيث انخفض إنتاج القمح من 4.7 مليون طن عام 1992 بصورة متدرجة إلى1.7 مليون طن حاليًا ويكفي الاستهلاك المحلي السنوي 1.5 مليون طن.